عادة إدخار الدم ، من العادات والتقاليد القبيلة الشحية الأصلية ، التي هي أحد مظاهر و سمات الاختلاف في العادة و التقاليد بين الشحوح و بين إخوتهم من القبائل العربية الأخرى المجاورة لهم .
فإدخار الدم يعني حكما ً قضائيا ً عشائريا ً في قضية جنائية سال فيها الدم وحدث فيها قتل . ذلك أن العادة جرت عند بقية العرب أن يكون الحكم العشائري القضائي في حالات جنايات القتل هو ما يسمى بالدية .
و الدية أي الفدية التي تعطى لقاء الصلح و العفو عن جريمة مرتكبة ومنها جناية القتل ، أن تكون الفدية مبلغا ً من المال أو الجمال أو السلاح . فإذا تم دفع الدية زالت الأحقاد وحل الوئام و الصلح محل الخصام و العداوة بين الطرفين المتنازعين .
و لكن هذه الطريقة في المصالحة ، بل هذا النوع من الحكم القضائي العشائري غير موجود بين قبائل الشحوح . فبدلا ً من نظام الدية يوجد عند الشحوح نظام ادخار الدم الذي يعني باختصار أنه إذا قتل سعيد من الناس من قبيلة شحية ، زيدا ً من الناس من قبيلة شحية ثانية ، قام أهل المجنى عليه برفع القضية و المطالبة بدم القتيل إلى الشيخ الأقدم .
فيقوم الشيخ الأقدم بتسجيل ادخار قضية دم ضد القبيلة التي منها سعيد الجاني ، فإذا حدث مستقبلا ً أن قام فرد من قبيلة زيد المجنى علية بقتل فرد من قبيلة سعيد الجاني ، فإن الدم المدخر ضد قبيلة الجاني يظهر الآن وتتم التسوية ويحل الصلح و الوئام .
و قد فسر لي بعض الأخوان مسألة الدية عند الشحوح بقولهم : مسألة الدية عند الشحوح من الأمور المهمة حيث تتعلق بأفراد العشيرة كلها عند وقوع حادثة قتل ، فإذا حدثت معركة بين الطرفين ومات واحد من كل جانب حلت المسألة سجالا ً ولا تحتاج إلى دية أو دم ، ولكن يبقى نوع من الخصام بين الطرفين .
ولكن في حالة قتل فرد واحد تصبح المشكلة خطيرة بين القبيلتين وهنا يتم التدخل على أيدي عقلاء العشيرتين ورجالها حيث يجتمعون في مكان ما ويوحدون الرأي فيما بينهم و يتوجهون إلى بيت القتيل و هناك يأخذون مهلة مداها سنتان أو اكثر لا يتعرضون خلالها للقاتل بسوء ، لأن من عادة الشحوح الالتزام بالكلمة وعدم مخالفتها مهما كانت الظروف . ولدى انتهاء هذه المهلة تجتمع عشيرة أخرى و تذهب إلى أهل القتيل و تعقد معهم هدنة أخرى ربما تزيد على المهلة السابقة ، وهكذا إلى أن تنسى القضية بمرور الزمن ويتنازل أصحاب الدم عن حقهم .
و في حالات أخرى يقومون بأخذ القاتل معهم إلى بيت القتيل وهناك يتم عرضة على أصحاب الدم وتكون فاتحة لمصالحة بين الطرفين حيث يأخذ أهل القتيل بنظر الاعتبار وجود الوجهاء و كبار القوم فيتم التنازل عن الدم .
وباختصار شديد ، فإن المجتمع الشحي لا يعترف ( بالدية ) . . . بل تحل القضية إما بالدم أي الانتقام ، إما المصالحة .