دينة دبــا ذات التاريخ المغرق في العراقة والقدم ، تحدث عنها أبو حيان التوحيدي في كتاب (الإمتاع و الؤانسة )، وسرد لنا قصتها المرزوقي المتوفى عام 421 هـ في كتابة (الأزمة و الأمكنة )وقد ورد اسم هذه المدينة في كتابين هما (مراصد الاطلاع)و(أحسن التقاسيم في المعرفة الاقاليم ).
كل هؤلاء قالوا عنها انها كانت أحد أسواق العرب في الجاهلية وسوقها المعروف باسم (سوق دبا )و كان إليها هو الجلندي بن المستكبر . وعندما أشرق الإسلام بنوره على المنطقة كان أهل دبا ومعهم أهل المنطقة قد استجابوا للدعوة الإلهية ، حتى أن أبا بكر الصديق (رضي الله عنه ) قال مادحا ً شعب عمـــان و المنطقة بقولــه :لقد بعث رسول الله إلى أهل عمان عمرو بن العاص بلا جيش ولا سلاح . . وأجبتموه إذ دعاكم على بعد دياركم ، فأي فضل أبر من فضلكم و أي فعل أشرف من فعلكم ؟ . . وبعدها حدثت الفتنه
وبعد تلك الفتنه صار اسم دبا (دبا البيعة) وتقاطر إليها المسلمون لإعمارها فكان أكبر رهط فيها هم قبائل الشحوح، وعندما بني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) مدنية البصرة اختار للقضاء فيها قاضيا ً من شحوح دبا هو كعب بن سور الذي ينتهي نسبه إلى الحارث بن مالك بن فهم الأزدي ، وقد نعمت دبا بعدها بالاستقرار و الهدوء إلى أن حل عام 1507 الميلادي عندما جاء الشر قادما ً من أوروبا هذه المرة إذ نزلت في أرض عمان و الإمارات قوات برتغالية بقيادة القائد الفونسو دي البوكيرك الذي ارتكب مجازر عجيبة وتفنن بقتل المسلمين و تعذيبهم بشكل همجي ، كما تشهد على ذلك مذكرته وتقاريره العسكرية التي كتبها بنفسه ، فكانت دبا وشعبها من ضحايا ذلك المجرم المغرق بالحقد .
وبحلول عام 1624م سقط حكم (آل نبهان)الضعيف في عمان و استلم السلطة إمام وقائد شاب هو ناصر بن مرشد اليعربي مؤسس الدولة اليعربية في عمان الذي أخذ على عاتقه مهمة تحرير الوطن من البرتغاليين فكانت مدينة (دبا)إحدى أهدافه العسكرية ، وعندما قرر أن يخلصها من البرتغاليين جهز جيشا ً بقيادته وتوجه نحو مدينة نزوى فاتخذها قاعدة ومعسكرا ً للهجوم ثم أوعز إلى القائد خميس بن مخزوم بمهاجمة القاعدة العسكرية البرتغالية في دبا .
فشن القائد خميس هجوما ً كاسحا ً لم تستطع دفاعات البرتغاليين أن تصمد أمامه فانهارت مقاومتهم فهرب القائد وجنوده بحرا ً واستسلم من تبقى من الحامية فدخلها الجيش العربي ظافرا ً و بذلك قال الشاعر يصف تلك المعركة :
فقد رجّعت جُيوشُ المسلمينا
إلى نُزوَى الشّريفة ظافِريِنا
بإجلال وتأييد لِنُصِرُّ
وعِزُّ لم يُزل للمسلمينا
بأرض دبّا قد وقِعت حُروبُ
تُكادُ لها الصياخد أن تلنيا
وكان النّصر للإسلام فيها
على قوّمِ النّصارى المعتديناا
فنعمت المدينة بالاستقرار و السلام مرة ثانية ، فصارت دبا البيعة حاضرة من حواضر الشحوح في المنطقة عام 1884م انفصل جزء صغير منها باسم (دبا الحصن )انضمت إلى إمارة الشارقة ، وقسم صغير باسم دبا الغرفة إلى إمارة الفجيرة و بقيت على ذلك الشكل إلى أن قام الإتحاد المبارك يوم 2 من ديسمبر عام 1971م بقيادة الشيخ زايـد بن سلطان آل نهيان أدامه الله ورعاه .